صراحة نيوز ـ رغم مكانته الأدبية والفكرية البارزة، لم يسلم الأديب العربي الشهير الجاحظ من نظرات الناس الساخرة بسبب هيئته التي اشتهر بها بين معاصريه. فقد ابتُلي الجاحظ بقبح المظهر، حتى صار مثلاً يُضرب في البُعد عن الوسامة، وبلغ من سوء شكله أن شبّهه البعض بالجنّ، وهو ما رواه بنفسه في واحدة من نوادره المفعمة بالسخرية الذاتية.
ففي إحدى جلساته مع تلامذته، قال الجاحظ ضاحكًا:
“ما أخجلني قط إلا امرأة جاءت بي إلى صائغ، وقالت له: مثل هذا!”
أثار الأمر حيرة الجاحظ، فسأل الصائغ بعد مغادرة المرأة عن مرادها، ليأتيه الرد الصادم:
“طلبت مني أن أصنع لها صورة جني، فقلت لها: لا أعرف كيف أُصوّره، فأحضرتك أنت!”
هذه الطرفة التي وردت في كتاب المستطرف في كل فن مستظرف للأبشيهي، تجسد قدرة الجاحظ على تحويل نقاط ضعفه إلى ضحك عابر للقرون، متخففًا من ثقل الصورة ومتسلحًا بخفة الروح، ما جعله أقرب للناس، وأبعد ما يكون عن الانكسار أمام قسوة المظهر.