عودة المستشفى الإندونيسي في غزة إلى الخدمة بجهود أردنية

7 د للقراءة
7 د للقراءة
عودة المستشفى الإندونيسي في غزة إلى الخدمة بجهود أردنية

صراحة نيوز ـ بين أنقاض الحرب وصدى الألم، تُولد من جديد بذور الأمل في شمال قطاع غزة، حيث عاد المستشفى الإندونيسي ليضخ الحياة في عروق الجرحى والمرضى بعد شهور من التوقف القسري بفعل العدوان. هذا الصرح الطبي، الذي كان شاهدًا على أعنف موجات القصف، استعاد نشاطه بفضل مبادرة إنسانية أطلقتها جمعية «تآلف الخير» الأردنية، والتي لبت نداء الاستغاثة القادم من غزة الجريحة.

وفي مشهدٍ يعكس عمق التضامن العربي والإسلامي، جُسّدت مساهمات أهل الخير في الأردن إلى أجهزةٍ طبية وغرف عناية مركزة، لتكون شاهدة على أن الإنسانية لا تعرف حدودًا، وأن صوت الحياة أقوى من دويّ القنابل.

ظهر أمس الاثنين، أعيد افتتاح المستشفى الإندونيسي في شمال قطاع غزة، وذلك بعد استكمال أعمال التأهيل والصيانة التي جاءت استجابة للكارثة الصحية التي خلفها العدوان. وجرت مراسم الافتتاح وسط حضور رسمي وشعبي واسع، حيث شارك في الافتتاح مدير عام وزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش، ووكيل الوزارة المساعد بسام الحمادين، ومدير المستشفى الدكتور مروان السلطان، إلى جانب مدير جمعية الوئام الخيرية المهندس محمد أبو مرعي، التي ساهمت في تنسيق المشروع، وكذلك المقاول المنفذ للأعمال الإنشائية أسامة رزق

هذا الحضور المتنوع عكس حالة من التكاتف الوطني والمجتمعي، وأكد أهمية المشروع في إنقاذ أرواح المرضى، وتوفير خدمات طبية حيوية للمناطق الشمالية التي كانت تعاني من فراغ صحي بعد خروج المستشفى عن الخدمة. وقد جاء الافتتاح تتويجًا لجهود كبيرة بذلتها جمعية «تآلف الخير» الأردنية بالشراكة مع مؤسسات محلية، في خطوةٍ إنسانية تركت بصمة واضحة في وجدان كل من شهد المأساة وآمن بأمل النهوض من جديد.

بدوره، أكد مدير عام وزارة الصحة في غزة الدكتور منير البرش أنّ «الاحتلال الإسرائيلي تعمّد استهداف وتدمير البنية التحتية الصحية في شمال القطاع، وفي مقدمتها المستشفى الإندونيسي، الذي يُعد شريانًا حيويًا يخدم مئات الآلاف من المرضى والجرحى»، مبيناً أنّ «قوات الاحتلال لم تكتفِ بقصف المبنى، بل أقدمت على إحراق وتدمير طوابق بأكملها، بما في ذلك قسم الطوارئ والاستقبال وغرف العمليات، ما أدى إلى تدمير شامل للأجهزة الطبية والمعدات الحيوية داخله، الأمر الذي شلّ قدرة القطاع الصحي وترك الجرحى دون علاج».

وقال البرش: «نقف اليوم أمام لحظة فارقة بكل ما تحمله الكلمة من معنى؛ لحظة يعاد فيها النبض إلى هذا الصرح الطبي العريق، الذي لم يكن يومًا مجرد مبنى إسمنتي، بل كان دومًا ملاذًا للجرحى والمصابين، وسندًا للمرضى في أحلك الظروف وأصعب الأوقات. إعادة تأهيل المستشفى الإندونيسي اليوم هو انتصار حقيقي للإرادة الإنسانية على آلة الدمار، وتجسيد حيّ لمعاني الأخوّة العربية والإسلامية في أسمى صورها».

وأضاف البرش: «نتقدم بخالص الشكر والتقدير لأشقائنا في المملكة الأردنية الهاشمية، ولجمعية ‹تآلف الخير› على وجه الخصوص، ولكل من ساهم وشارك في إعادة إعمار هذا المستشفى الذي يشكّل شريان حياة لعشرات الآلاف من أبناء شعبنا. هذا الدعم لم يكن مجرد بناء حجارة، بل كان بناءً للأمل، وموقفًا إنسانيًا نبيلًا في وجه الحصار والقصف والموت».

وشدّد البرش على أن الدور الأردني كان حاضرًا منذ اللحظة الأولى لاندلاع العدوان، من خلال تقديم الدعم والإسناد الفوري للقطاع الصحي، مشيرًا إلى أن الجهود الأردنية شملت إعادة تأهيل عدد من المستشفيات والمراكز الطبية التي تضررت بفعل القصف، ومن بينها مستشفيات كمال عدوان، والإندونيسي، وأصدقاء المريض، إلى جانب العديد من المرافق الصحية الأخرى.

من جهته، أوضح مدير المستشفى الإندونيسي الدكتور مروان السلطان أنّ «هذا المستشفى، الذي يخدم ما يقارب 700 ألف مواطن في المناطق الشمالية، قد أُعيد تأهيله للمرة الثالثة بتبرع سخي ومبادرة إنسانية من جمعية «تآلف الخير» وأهل الخير في الأردن، بعد أن تعرّض مرارًا للتدمير الممنهج من قبل جيش الاحتلال».

وأضاف السلطان: «لقد كانت وما زالت المواقف الأردنية بمثابة الرئة التي يتنفس منها الشعب الفلسطيني، والدعامة الراسخة التي لم تتخلّ عنّا في أصعب اللحظات، وهذا الدعم الأردني ليس وليد اليوم، بل هو امتداد طبيعي لتاريخ طويل من التضامن الصادق والمواقف الأصيلة التي وقفت فيها المملكة إلى جانبنا، خاصة في الأوقات العصيبة التي عانت فيها غزة من ويلات الحروب المتكررة والعدوان المستمر، والذي استهدف بشكل ممنهج بنيتنا التحتية الصحية».

وأشار السلطان إلى أن المملكة، قيادةً وشعبًا، ظلت حاضرة بقوة في كل مرحلة، وداعمًا أساسيًا للقطاع الصحي الفلسطيني، مؤكدًا أن ما يقدمه الأردن من دعم طبي وإنساني ليس مجرد مساعدة، بل هو تجسيد حقيقي للروابط الأخوية العميقة.

وثمّن السلطان مواقف جلالة الملك عبد الله الثاني، الذي لم يتوانَ لحظة عن نصرة الشعب الفلسطيني، وتوجيه مؤسسات المملكة كافة لتقديم العون والإسناد، مبيناً أنّ إبقاء المستشفى الميداني الأردني واستمرار عمله في قطاع غزة كان له دور حاسم في إنقاذ العديد من الأرواح.

وأشرفت جمعية الوئام الخيرية على تأهيل وصيانة المستشفى الإندونيسي بتمويل سخي من أهل الأردن، حيث قال مدير الجمعية، محمد مرعي: «منذ اللحظة الأولى لانسحاب جيش الاحتلال من شمال غزة في شهر كانون الثاني الماضي، بدأنا التواصل مع جمعية تآلف الخير الأردنية، التي أكدت جاهزيتها الكاملة لدعمنا، مهما تطلب ذلك من تضحيات أو تكاليف».

وأضاف مرعي: «أُعيد تأهيل المستشفى الإندونيسي على ثلاث مراحل بعد تدميره من قبل الاحتلال، حيث كانت آخر مرحلة قد كلفت حوالي 400 ألف دولار من إجمالي المبلغ الذي بلغ مليون دولار لجميع المراحل»، مشيراً إلى أنّ «المواطنين سيتمكنون من تلقي الخدمة اللازمة بعد إعادة تأهيل أقسام الاستقبال والطوارئ، وغرف العناية المركزة، والمبيت، والعيادة الخارجية، وغيرها من الأقسام الحيوية».

وشدد مرعي على أنّ «نشامى ونشميات الأردن كانوا دائمًا في طليعة الملبين لنداءات الاستغاثة، مقدّمين العون في أصعب اللحظات وأكثرها حاجة، ما يعكس أسمى معاني التضامن العربي والإسلامي».

وأشار إلى أن «المملكة الأردنية الهاشمية قدمت منذ بداية الحرب دعمًا كبيرًا في مجالات متعددة شملت طرودًا غذائية، أدوية، معدات طبية، ومساعدات إنسانية، مؤكداً أنّ «الوئام» نفذت مشاريع كبيرة لمساعدة أهالي القطاع بفضل تبرعات أهل الخير في الأردن».

وختم مرعي بشكره لجلالة الملك عبدالله الثاني، والحكومة والشعب الأردني، وجمعية «تآلف الخير» والهيئة الخيرية الهاشمية، مؤكدًا أن بصمة المملكة كانت ولا تزال واضحة في دعم غزة في هذه الظروف الحرجة

Share This Article