صراحة نيوز ـ بقلم: جهاد مساعده
في زاويةٍ من أرشيفٍ قديم،
تحت أكوام الغبار،
كان موظفٌ شاحب الوجه يجلس،
يقلب ملفاتٍ اصفرَّ ورقها، وخفَتَت حروفها تحت وطأة النسيان.
على مكتبه الباهت،
تراكمت أسماء مسؤولين:
أحدهم بنى مدرسة،
وآخر أسس مستشفى،
وثالث أطلق مشروعًا ظل اسمه حيًا أطول من حياته.
وبينما كانت يده تتنقل بين الملفات،
وقعت على ملف غريب:
ورقة يتيمة،
تحمل اسمًا واحدًا،
لا مشروع، لا مؤسسة، لا فكرة.
سحب الملف بدهشة،
وقلب الورقة مرة، واثنتين، وثلاثًا.
لا إنجاز، لا أثر،
فقط صورة واحدة قديمة…
رجل يبتسم أمام كاميرا باهتة،
يرفع ورقةً يبدو أنه نال بها تكريمًا لا يعرف أحد سببه.
حدّق الموظف بالاسم طويلًا،
حتى وقعت عيناه على هامش الصفحة،
حيث كُتبت ملاحظة صغيرة بقلم رصاص باهت:
“تمت إضافته خطأً أثناء حملة التوثيق.”
ابتسم الموظف ابتسامة ساخرة،
وتساءل في داخله:
كم من الأسماء مرت هنا مثل هذا الاسم؟
كم من الأخطاء ظن الوطن أنها إنجازات،
ولم يكتشف أنها مجرد خطأ مطبعي إلا بعد فوات الأوان؟
ثم دسّ الورقة بهدوء في درج جانبي،
مخصصٍ عادةً للأوراق المشكوك في أمرها،
تلك الأوراق التي لا تستحق أن تبقى على رفوف التاريخ.
هكذا طوى الزمن صفحته،
وأسدل ستار النسيان على اسمٍ لم يستحق أن يُروى.
تلاشى كما تتلاشى آثار أقدام العابرين تحت أول هبة ريحٍ في صحراءٍ خالية.
لم يحتج إلى قاضٍ يحكم عليه،
فقد كان النسيان أسرع حكمًا، وأعدل نهاية.