عاجل | حقيقة تحايل شركة للاستثمارات المالية على عائلة أردنية بثمانمئة ألف دينار .. وزير سابق ونائب حالي في مرمى الإتهام

10 د للقراءة
10 د للقراءة
عاجل | حقيقة تحايل شركة للاستثمارات المالية على عائلة أردنية بثمانمئة ألف دينار .. وزير سابق ونائب حالي في مرمى الإتهام

صراحة نيوز – خاص

حطت على مكاتب إدارة التحرير مجموعة من الوثائق تتحدث عن عملية نصب وتحايل من قبل شركة كبرى للاستثمارات المالية (نتحفظ على الوثائق واسم الشركة) والتي يترأس مجلس إدارتها وزير سابق ويترأس أيضًا مجلس إدارة مؤسسة مصرفية تتعامل وفق لأحكام الشريعة الإسلامية بالتحايل على عائلة أردنيّة بمبلغ 800 ألف دينار.

وجاء في إحدى الوثائق (كتاب رسمي) صادر بتاريخ 15 / 1 / 2025 عن هيئة الأوراق المالية وموجه إلى المشتكية، أن الهيئة وبناءً على الشكوى المقدمة قررت فرض غرامة مالية على الشركة لمخالفتها أحكام المادة ( 105 / أ ) من قانون الأوراق المالية رقم 18 لسنة 2017 حيث لم تظهر حركات تغير الرافعة المالية بصحيفة الجورنال الخاص بالمشتكية والمزودة من قبل الشركة للهيئة على الرغم من اعتراف الشركة بتغييرها.

كذلك جاء في الكتاب أن الهيئة فرضت غرامة مالية أخرى على شركة الاستثمارات المالية لمخالفتها أحكام المادة ( 57 ) من قانون الأوراق المالية رقم 18 لسنة 2017 وأحكام المادة ( 65 / ج ) من تعليمات الترخيص والاعتماد للخدمات المالية وتنظيمها لسنة 2005 ولعدم مراعاة الشركة مصلحة المشتكية وذلك بوقف التداول على الذهب ووقف عمليات البيع والشراء وفتح الفروقات السعرية بشكلٍ مفاجىء.

وجاء في وثيقة أخرى (كتاب رسمي صادر عن الهيئة بتاريخ 20 / 3 / 2025) موجه للمشتكية استنادًا لشكوى كانت قد قدمتها لهيئة الأوراق المالية بتاريخ 8 / 1 / 2024 ضد شركة الإستثمارات المالية، واستنادًا إلى الإعتراض الذي قدمته الشركة على قرار أصدرته الهيئة بتاريخ 31 / 12 / 2024 أن مجلس مفوضي الهيئة قرر في جلسته بتاريخ 18 / 3 / 2025 كما يلي :-

1- قبول اعتراض الشركة المتعلق بفرض غرامة مالية عليها لمخالفتها أحكام المادة ( 105 /أ ) من قانون الأوراق المالية رقم 18 لسنة 2017.

2- عدم قبول اعتراض الشركة المتعلق بفرض غرامة مالية عليها لمخالفتها أحكام المادة ( 57 ) من قانون الأوراق المالية رقم 18 لسنة 2017 وأحكام المادة ( 65 / ج ) من تعليمات الترخيص والاعتماد للخدمات المالية وتنظيمها لسنة 2005.

وفي ضوء ما تقدم تواصلت إدارة التحرير مع أحد المسؤولين في هيئة الأوراق المالية والذي فضل عدم الإشارة لاسمه والذي لم ينفي استلام الهيئة لشكوى من سيدة أردنيّة بتحايل شركة للاستثمارات المالية عليها بمبلغ 800 ألف دينار ولم ينفي أو يؤكد تورط الشركة، لافتًا إلى ان الهيئة تتبع خطوات وإجراءات ضمن مسؤولياتها الرقابية وهو ما تم بخصوص هذه الشكوى، ومشددًا في ذات الوقت أن الفيصل هو القضاء، فيما بين أن الهيئة لا تتهاون مع أية شركة باتخاذ ما يلزم من إجراءات بحقها في حال ثبوت حصول تجاوزات أو مخالفات.

من جهتها أكدت صاحبة الشكوى تعرضها لنصب مالي من قبل شركة تسهيلات مالية مرخّصة في الأردن، يرأس مجلس إدارتها وزير سابق، ويشارك في إدارتها نائب حالي، دفعت بعائلتها إلى حافة الانهيار المعيشي والنفسي.

بداية القصة: استثمار الثقة

بدأت الحكاية مطلع عام 2023، عندما اضطرت عائلة أردنية إلى بيع سلسلة محال كانت تملكها، بسبب الظروف الصحية الصعبة لرب الأسرة، الذي لم يعد قادرًا على متابعة العمل. وبعد بيع المحال مقابل 800 ألف دينار، قررت العائلة استثمار المبلغ عبر شركة استثمارات مالية معروفة، مرخّصة في الأردن، وتضم في مجلس إدارتها شخصيات ذات مناصب رفيعة سابقة وحالية.

تم إيداع المبلغ لدى الشركة بهدف تشغيله في السوق المالي، لتأمين مستقبل العائلة، غير أن ما بدأ كاستثمار شرعي وآمن، تحوّل بسرعة إلى كابوس.

علامات الخطر الأولى:

بحلول منتصف العام 2023، بدأ أحد أفراد العائلة، وهو الشاب المسؤول عن المتابعة، بملاحظة مؤشرات تلاعب واضحة في آلية عمل الشركة. فسافر إلى ألمانيا والولايات المتحدة للقاء خبراء ومحكّمين في مجال التداول، حيث تم تحليل البيانات والوثائق المرتبطة بالحساب الاستثماري.

النتائج كانت صادمة: عبث كامل بحركة التداول، وسحب غير مبرر للأموال، وتعطيل متعمد للمنصة في لحظات حاسمة، وتلاعب في الأسعار، وفرض “سوابات” على حساب إسلامي دون موافقة، وفروقات تسعير غير منطقية مقارنة بالمنصات العالمية.

الخبير المحكم أكّد بشكل قاطع أن الشركة تورّطت بعمليات نصب واحتيال ممنهجة، وتم توثيق كل ذلك بفيديوهات وصور وأدلة دامغة.

الوثائق بيد “هيئة الأوراق” والصمت عنوان المرحلة:

في تشرين الثاني 2023، جهزت العائلة ملفًا كاملًا، يشمل كل الأدلة، وتقدّمت به رسميًا إلى هيئة الأوراق المالية، الهيئة المخوّلة بمراقبة ومحاسبة مثل هذه الشركات. منذ ذلك الحين، بدأت فصول المماطلة التي استمرت لأكثر من سنة، دون أي رد فعلي حقيقي من الهيئة.

والأدهى من ذلك، أن أحد أعضاء مجلس النواب السابقين كان يتداول في ذات الشركة، وتعرض للاحتيال هو الآخر، واسترجع أمواله بالكامل من خلال تدخّل بعض النواب، مقابل “السكوت” عن ممارسات الشركة والتستر عليها.

مخالفات بالجملة والشركة لا تزال تعمل!

في 15 كانون الثاني 2025، أصدرت الهيئة بيانًا رسميًا يتضمن 13 مخالفة بحق الشركة، وُصفت بأنها المرة الأولى التي تُسجل فيها مخالفات بهذا الحجم على شركة استثمار مرخصة في الأردن. ورغم ضخامة التهم، لم تُغلق الشركة، ولا تزال تزاول أعمالها وكأن شيئًا لم يكن.

بعد 14 يوم، قدّمت الشركة اعتراضًا رسميًا على قرار المخالفات، لتبدأ جولة جديدة من المماطلات القانونية، في محاولة واضحة للضغط على العائلة لتقبل بتسوية ظالمة.

عرض تسوية مشروط بالصمت:

خلال فترة الاعتراض، بدأت الشركة تضغط على العائلة لقبول مبلغ زهيد من أصل الـ800 ألف دينار، مقابل إسقاط الشكوى والسكوت عن القضية. وكل ذلك وسط ظروف اقتصادية مأساوية تعيشها العائلة، ما جعلها في موقع ضعيف سهل الابتزاز.

وعود النواب بلا وفاء:

طرقت العائلة كل الأبواب: عدة نواب حاليين وسابقين، ولكن دون جدوى. أحد النواب كان يعد العائلة يوميًا بحل قريب، لكنه لم يفعل شيئًا سوى التسويف.

حتى هيئة مكافحة الفساد قالت إن الموضوع “ليس من اختصاصها”، فيما أحد النواب المعروفين تدخّل شخصيًا بالاتصال مع المسؤول القانوني في الشركة (وهو نائب حالي أيضًا) دون أي نتائج تُذكر، سوى وعود جوفاء.

الرد على الاعتراض والمخالفات قائمة:

في 20 آذار 2025، ردّت هيئة الأوراق على اعتراض الشركة ورفضته، لتبقى المخالفات الـ13 سارية. ومع ذلك، لم تُتخذ أي إجراءات فعلية بحق الشركة التي ما زالت تعمل، وتستقبل مستثمرين جدد، وكأن الهيئة نفسها تمنحها “الشرعية” رغم الأدلة الدامغة على النصب.

خمس سنوات ليُستردّ الحق؟

في تصريح مؤلم، تساءل والد الشاب عن جدوى ما حدث خلال عامين من الانتظار والملاحقة، قال إن ملف القضية ظلّ حبيس الأدراج في هيئة الأوراق المالية لعامين كاملين، قبل أن تصدر الهيئة 13 مخالفة بحق الشركة، بعد مراجعات وتحليلات أجراها خبراء تداول أثبتت وقوع عملية احتيال ممنهجة، بما فيها إيقاف شاشات التداول وسحب الأموال دون وجه حق.

لكن المأساة لم تنتهِ عند هذا الحد. فاليوم، وبعد هذه الرحلة الطويلة، إذا أرادت العائلة اللجوء إلى القضاء لاسترداد حقها، فالقضية قد تحتاج من سنتين إلى ثلاث سنوات إضافية في المحاكم. فهل يُعقل أن ينتظر ضحية عملية نصب موثقة ومعترف بها من قبل الشركة خمس سنوات ليستعيد ماله؟

“ماذا كانت تفعل هيئة الأوراق طوال عامين؟” يتساءل الوالد بحرقة، ويُضيف: “أشكر القضاء، وأشكر هيئة الأوراق على مجهودها، لكن؛ أين الحق؟ ماذا استفدنا من المخالفات؟ هل ستُطعم أطفالي؟ هل ستُعيد لنا مستقبلنا؟”

ويختم: “إذا كانت الهيئة لا تحيل هذه القضايا للقضاء مباشرة، فما دورها إذًا؟ كان يجب أن يُحال الملف للنيابة منذ اليوم الأول، لا أن نُترك وحدنا نواجه مصيرًا لا نعرف له نهاية”

ضحايا بلا صوت وعائلة على حافة الانهيار:

اليوم، تعيش العائلة مأساة حقيقية:

• الأب مريض منذ سنوات ولم يتلقَّ العلاج.

• الابن الجامعي أجّل دراسته سنتين بسبب العجز المالي.

• الابن الآخر، طالب توجيهي متفوق، موقوف من المدرسة بسبب عدم دفع الأقساط.

• الابن الثالث في الصف التاسع، أيضًا موقوف عن الدراسة، وفُرضت عليه رسوم مضاعفة بعد إلغاء خصم الـ50% ورفعت المدرسة شكوى على الأم بمبلغ 13 ألف دينار.

• الأم اليوم مهددة بالتنفيذ القضائي، وقد تُحرم من الخروج من منزلها، تمامًا كما الأب.

البيت بلا كهرباء، بلا ماء، بلا إنترنت، الديون تتراكم، والأنفاس تضيق.

والسؤال الذي لا إجابة له: لماذا لا تزال الشركة مفتوحة؟

رغم كل الأدلة، المخالفات، الضحايا، وحتى بعد تعرض نائب للنصب، لا تزال الشركة تزاول أعمالها وكأنها فوق القانون. والمفاجأة الأغرب أن “هيئة الأوراق المالية” لم تحرّك ساكنًا إلا بعد حوالي عام كامل، وبمجرد نشر خبر صحفي على موقع إلكتروني، سارعت الهيئة إلى إصدار بيان “تبريري” قالت فيه إن الخبر المنشور اشتمل على العديد من المغالطات ويخلو من الدقة!

من يحاسب؟

الفضيحة اليوم ليست فقط في شركة نصبت على عائلة، بل في غياب العدالة، وتراخي الجهات الرقابية، ومؤسسات يُفترض أن تكون سندًا للمواطنين، فإذا بها تغطي على شركات تُدمّر مستقبل العائلات.

قضية العائلة ليست مجرد رقم. إنها وجع حيّ، ودمار شامل لمستقبل أسرة أردنية كانت تبحث عن أمان مالي، فوقعت ضحية لمنظومة متكاملة من الفساد، واللامبالاة، والمصالح المغلقة.

ويبقى السؤال: من سيُنصف هذه العائلة؟ ومن سيوقف هذه الشركة؟ ومن سيحاسب “الهيئة”؟

Share This Article