صراحة نيوز ـ أكد خبراء طاقة، أهمية قرار مجلس الوزراء الأخير المتعلق بتنفيذ مشروع تخزين الطاقة الكهربائية على شبكة النقل لشركة الكهرباء الوطنيَّة، باستخدام تكنولوجيا البطَّاريَّات في تعزيز أمن الطاقة في المملكة والحد من الاعتماد على مصادر غير مستقرة.
وقالوا إن القرار يدفع باتجاه توفير طاقة أكثر كفاءة وجودة عالية من مصادر محلية تعزز الاعتماد على الذات وتسهم في تنمية الاقتصاد المحلي وتعزيز تنافسيته داخليا وخارجيا.
وأشاروا لوكالة الأنباء الأردنية (بترا) إلى أن الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة يوفر المزيد من فرص العمل، ما يساعد في خفض معدلات البطالة فضلا عن الأثر البيئي والاقتصادي.
وأوضحوا أن تخزين الطاقة الكهربائية يحافظ بشكل كبير على استقرار الشبكة الكهربائية الوطنية، خصوصا في ظل ارتفاع نسبة الطاقة الكهربائية المولدة من مصادر محلية متنوعة تزيد بنسبة 45 بالمئة عن حاجة المملكة.
وأشاروا إلى أن التخزين باستخدام تكنولوجيا البطَّاريَّات يفتح آفاقا أكبر للتوسع بتصدير الطاقة الكهربائية من خلال مشاريع الربط الكهربائي مع الدول العربية المحيطة.
وكان مجلس الوزراء قرر الموافقة على السَّير في إجراءات تنفيذ مشروع تخزين الطَّاقة الكهربائيَّة على شبكة النَّقل لشركة الكهرباء الوطنيَّة باستخدام تكنولوجيا البطَّاريَّات، والذي يأتي لمواكبة التطورات التي طرأت أخيراً على تكنولوجيا التخزين بالبطاريات، والانخفاض في أسعارها، وازدياد حاجة النظام الكهربائي إلى أنظمة تخزين الكهرباء، بما ينسجم مع استراتيجيَّة قطاع الطَّاقة التي تهدف إلى تنويع مصادر الطَّاقة وتخزينها وتعزيز الاعتماد على مصادر الطَّاقة المتجدِّدة.
وسيتمّ بموجب القرار السَّير في إجراءات طرح جولة تنافسية جديدة لتنفيذ مشروع تخزين الطاقة الكهربائية على شبكة النقل لشركة الكهرباء الوطنية باستخدام تكنولوجيا البطاريات، من خلال لجنة العرض المباشر المشكَّلة بموجب النِّظام المعدِّل لنظام العرض المباشر لمشاريع الطاقة المتجددة لتوليد الطاقة الكهربائية والربط على الشبكة رقم 66 لسنة 2016.
واشترط القرار أن لا يتم السير في إحالة المشروع إلا إذا كانت الأسعار والمواصفات المقدمة لهذه الخدمة تحقق الجدوى الفنية والاقتصادية للنظام الكهربائي بموجب أحكام النِّظام.
خبير الطاقة الكهربائية المتجددة المهندس جمال بدران، أكد أهمية قرار تخزين الطاقة الكهربائية باستخدام البطاريات في المحافظة على استقرار الشبكة الكهربائية، لاسيما وأن الفائض يصل حاليا لحدود 45 بالمئة نتيجة توليد 6 ميجاواط مقابل حمل يصل إلى 4 ميجاواط.
وقال إن نسبة الطاقة المتجددة من خليط الطاقة الكلي وصلت 26 بالمئة أواخر 2023، وبحسب الخطة الموضوعة يجب أن تصل إلى 31 بالمئة في نهاية 2030، وهذا يشكل عبئا على الشبكة الحالية ما يستوجب البحث عن حلول ذات كفاءة عالية للمحافظة على شبكة الكهرباء.
وأضاف “حتى لا يؤثر هذا الفائض على الشبكة الكهربائية لا بد من حلول تخزين الطاقة الكهربائية باستخدام البطاريات، خاصة وأن الحكومة ومن خلال الجهات المعنية تعمل على تحديث الشبكة الكهربائية وجعلها شبكة ذكية، ما يتطلب تخزين الفائض من الطاقة الكهربائية”.
وتطرق إلى أهمية القرار في التوسع بتصدير الطاقة للدول العربية المحيطة، ما يعزز مشروع الربط الكهربائي الذي تنفذه الحكومة مع العراق ودول الخليج وفلسطين ولبنان وسوريا ومصر.
وتابع بدران، يجب النظر إلى القرار من جانب أهميته في تعزيز الاقتصاد الوطني، من خلال تشجيع القطاعات الإنتاجية للاعتماد على الطاقة الكهربائية المتجددة، بالإضافة إلى تعزيز استخدام الطاقة في النقل العام وغيرها من الأمور التي تشجع على استخدام هذا الفائض، حتى لا يشكل فائض الإنتاج عبئا على الشبكة.
من جانبه، أكد أمين عام الهيئة العربية للطاقة المتجددة المهندس محمد الطعاني، أهمية القرار من الناحية الفنية في الحفاظ على استقرار الشبكة الوطنية للكهرباء، خاصة وأن مشاريع الطاقة المتجددة في المملكة تقترب من 2.8 جيجا واط، أكثر من 30 بالمئة من الطاقة المولدة.
وقال إن المشروع الذي أقره مجلس الوزراء بخصوص تخزين الطاقة، ضرورة فنية واقتصادية من حيث العائد الاستثماري المتوقع للمشروع وللحفاظ على استقرار الشبكة الكهربائية.
وأشار إلى أهمية القرار من حيث جدواه الاقتصادية لمشروع الربط الكهربائي وجعل الأردن مركزا للربط الكهربائي العربي وصولا إلى أفريقيا وأوروبا، منوها إلى أهمية القرار في تعزيز الطاقة المتجددة في المملكة وزيادة نسبتها في خليط الطاقة بحسب استراتيجية وزارة الطاقة والثروة المعدنية، ما يعزز الأمن الطاقي والاعتماد على الذات في توفير طاقة بديلة آمنة وكفؤة.
بدوره، خبير الطاقة هاشم عقل، أكد أهمية القرار ومدى انعكاسه على الاقتصاد الوطني وتقليل فاتورة الطاقة، إضافة إلى الجانب الفني في المحافظة على الشبكة الكهربائية.
وقال إن تخزين الطاقة يخفف من العبء المالي لاستيراد الطاقة، لاسيما وأن الأردن يستورد حوالي 96 بالمئة من احتياجاته من الطاقة بتكلفة تعادل 13.5 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، حيث تبلغ إجمالي احتياجات الطاقة 3.6 مليار دولار سنوياً.
وأضاف أن التحول نحو الطاقة المتجددة ساهم في تقليل هذه الفاتورة الباهظة بشكل كبير، حيث وفرت مشاريع الطاقة الشمسية وطاقة الرياح حتى الآن حوالي 2.6 جيجاواط من الطاقة، ساهمت بإنتاج 27 بالمئة من إجمالي الطاقة الكهربائية المستهلكة في المملكة، وتهدف الاستراتيجية الجديدة لرفع هذه النسبة إلى 50 بالمئة بحلول 2030 بدلاً من 31 بالمئة كما كان مخططاً سابقاً.
وأشار إلى أن السماح بأنظمة تخزين الطاقة بواسطة البطاريات للمستهلكين ومن ثم التوسع على نطاق أوسع بطرح عطاءات للاستفادة من الطاقة المنتجة وكذلك مشروع تخزين الطاقة باستخدام مياه سد الموجب بقدرة 450 ميجاواط لمدة 7 ساعات، سيعزز القدرة على الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة.
ومن حيث تحسين ميزان المدفوعات أشار عقل إلى أن انخفاض أسعار النفط العالمية بسبب سياسات الطاقة التقليدية في بعض الدول قد يقلل من كلفة استيراد الطاقة على الأردن ويدعم ميزان المدفوعات، فكلما زادت نسبة الطاقة المتجددة المحلية، قل الاعتماد على الاستيراد وبالتالي تحسن الميزان التجاري.
وتطرق إلى تقليل دعم الكهرباء، موضحا أن الدعم الذي تصرفه الدولة سنوياً بلغ حوالي 400 مليون دينار، ولفت إلى أن مشاريع الطاقة المتجددة تساعد في تخفيض هذا الدعم من خلال خفض فاتورة الطاقة في المباني الحكومية بنسب تتراوح بين 27 – 40 بالمئة باستثمارات متواضعة، وتحقيق وفورات مالية تصل إلى 6.7 مليون دينار سنوياً من مشاريع صندوق الطاقة المتجددة.
وأكد أن مشروع تخزين الكهرباء يسهم في التخفيف من أعباء شركة الكهرباء الوطنية وتقليل خسائرها من خلال التوسع باستخدام الطاقة المتجددة وخفض تكاليف توليد الطاقة الكهربائية باستخدام الطرق التقليدية.
ونوه إلى أهمية القرار في جذب الاستثمارات الأجنبية على غرار مشاريع محطة الطاقة الشمسية الكهروضوئية بقدرة 200 ميغاواط بتكلفة 200 مليون دولار مع شركة “مصدر” الإماراتية، ومشروع توليد الطاقة في محافظة معان باستثمارات قطرية ويابانية وأردنية بلغت حوالي 170 مليون دولار، ومحطة الطفيلة لطاقة الرياح بقدرة 117 ميجاواط.
وبين أن تكلفة إنتاج الكيلو واط من الطاقة المتجددة (حوالي 4 قروش) أقل بكثير من تكلفة إنتاجه بالطرق التقليدية (7.7 قروش)، بالإضافة إلى أن الطاقة المتجددة توفر استقراراً في التكاليف على المدى الطويل مقارنة بتقلبات أسعار النفط والغاز.
وأكد عقل أهمية المشروع في توفير فرص عمل في قطاع الطاقة المتجددة وتدريب الشباب على التقنيات الحديثة، وتحسين البيئة الاستثمارية وجدوى المشاريع بسبب انخفاض تكاليف الطاقة، وتعزيز أمن الطاقة والحد من الاعتماد على مصادر غير مستقرة