صراحة نيوز ـ وكالات ـ متابعة ملك سويدان
في الوقت الذي تتصاعد فيه أوجاع غزة تحت وطأة القصف المستمر والحصار الخانق، يعود الفنان الفلسطيني محمد عساف إلى الساحة الفنية بحفل غنائي ضخم تستضيفه العاصمة الأردنية عمّان، يوم السبت 10 أيار/مايو 2025، في إطار الدورة الـ15 من فعاليات “جمعية أصدقاء مهرجانات الأردن”.
ورغم غيابه عن المشهد الفني لأكثر من عامين، والذي فُسّر على نطاق واسع بأنه التزام إنساني ووطني تجاه مأساة شعبه، تأتي عودة عساف هذه المرة بإيقاع مختلف، لا تشوبه مشاعر الفقد، ولا يرافقه أي تعبير عن التضامن مع ما يتعرض له مسقط رأسه – غزة – من إبادة ممنهجة وحصار إنساني خانق.
حفلة منتظرة بصوت “فلسطين”… بعيدًا عن فلسطين
أعلنت جمعية أصدقاء مهرجانات الأردن عبر حسابها الرسمي على “إنستغرام” عن تفاصيل الحفل بعبارة دعائية: “الفنان محمد عساف في عمّان، استعدوا لحفل لا يُنسى مع صوت فلسطين الساحر، يوم السبت 10 أيار، ليلة من الأغاني الوطنية، الطربية، والشعبية يلي بتلامس القلب.”
لكن قلوب أهل غزة، التي لم تعد تلامس سوى الدمار، لم تجد في الإعلان ما يشبه واقعها، إذ يُنظر للحفل من قبل كثيرين كصفعة على وجه المشهد الإنساني، وتناقض صارخ بين الغناء والدم، بين الأضواء والظلال التي تخيم على قطاع محاصر منذ سنوات.
أغانٍي وطنية في قاعة مُكيّفة… بينما الوطن يحترق
من المقرر أن يقدم عساف في الحفل باقة من أغنياته التي لطالما تغنّى بها الشعب الفلسطيني، مثل: “مكانك خالي”، “لوين بنروح”، “يا طير الطاير”، “بزعل على مين”، وغيرها من الأعمال التي صنعت له شهرة “ابن فلسطين”، بينما يرزح الشعب نفسه اليوم تحت الركام.
وقد أثارت عودة عساف الغنائية تساؤلات واسعة عبر مواقع التواصل الاجتماعي، حيث عبّر كثيرون عن استغرابهم من اختياره هذا التوقيت بالذات للعودة إلى الحفلات، في وقتٍ يحتاج فيه الفلسطينيون – وخاصة في غزة – إلى من يوصل صوتهم إلى العالم لا من يغني لهم من بعيد.
هل خان عساف نبض الشارع؟
محمد عساف الذي لطالما لقّب بـ”الصوت الوطني”، يجد نفسه اليوم في مواجهة اتهامات بالتخلي عن هذا اللقب، أو على الأقل، بالتعامل ببرود مع قضية بقيت دومًا جوهر فنه وسبب شهرته.
ورغم محاولاته السابقة للتعبير عن تضامنه مع غزة في منشورات متفرقة، يرى منتقدوه أن “الصوت” الحقيقي لا يعلو بالغناء في الخارج بينما الدموع تنهمر في الداخل.
ختامًا، يبدو أن الحفل سيكون “ليلة لا تُنسى” فعلًا، لكن لا بسبب الأغاني، بل بسبب الأسئلة الأخلاقية التي ستبقى عالقة في ذاكرة كثيرين: متى يتحوّل الغناء إلى صمت، يصبح فيه الوقوف موقفًا أهم من أي أغنية؟